مذكرات متابع

جادو حرة
طرابلس حرة
الزنتان حرة
غريان حرة

استخدم التباديل و التوافيق بين اسماء المدن الليبية و كلمة حره ، حتى تحصل على الدلالة المطلوبة ، لكن ما المقصود من كلمة حرة هنا ، ما اراه على ارض الواقع هو تحرر المدن من سيطرة اي نظام اخر و اصبحت سيدة نفسها فقط لا غير ، رغم ان الهدف كان تحرر المدينة او المنطقة من نظام القذافي و حكمه و قبضته لا من قبضة الدولة و سيطرتها ، و هذا للاسف ما جرى .

اعلنت كل منطقة نقسها منطقة حرة و اثبتت ذلك على ارض الواقع بامتلاكها قوة حامية لها و كيان سياسي تنظيمي صغير خاص بها ، و كان هذا في الايام الاولى للتحرير ، ثم بدأت التكتلات و المصالح تلعب لعبتها و تكونت تحالفات معينه و تكتلات معينه اغلبها مناطقية .

و ظهرت ممالك و امارات بشكل غير رسمي في داخل حدود الدولة الليبية المركزية ، لكل مملكة جيشها و مواطينيها و اتباعها و مصالحها و ممتلكاتها و منطقة نفوذها ، مستعدة ان ترسل قواتها لتحمي هذه المصالح و قد حدث فعلا هذا في اكثر من مرة و لم تستطع الدولة المركزية رده او ردعه ، واصبحت المناطق المتصارعه على سيادة منفذ او معبر او اي شي ذا قيمة تتصارع فيما بينها اما سياسيا او باسلوب الحرب الباردة او بالمواجهة المباشرة ، و قامت كل قوة بتصفية اعدائها في مناطقها و تنظيف فنائها الخلفي من كل ما تشك في امره .

و الحكومة المركزية التي ورثنا قوامها من نظام معمر القذافي في كون ان طرابلس هي راس الدولة و عمودها الفقري و هي المسيطره على اهم امران مبيعات النفط و التعامل مع العالم الخارجي ، و بهذا اصبحت طرابلس هي محط اعين الجميع و لابد لكل قوى المنطقة ان تجد موطئ قدم لها في هذه المدينة و اصبحت المدينة تعيش تحت رحمة هدنة هشة تفرضها معايير توازن القوى .

و كم من مرة راينا تحرك هذه القوى ضد امر معين اما بتحريك الايادي الناعمة مظاهرات او احزاب سياسية او بتحريك مخالبها باستعمال طيور الظلام او القوى الغاشمة الصريحة ، و لم يكن للحكومة التي اضعفتها جدا سياسة "المسامح كريم" و "عدم اراقة الدماء" و سياسة " ارضاء جميع الاطراف" ، حتى اصبحت الحلقة الاضعف ، واصبحت تتعامل مع كل اعتصام او اعتداء او اقتحام او حصار باسلوب "راهو نجيك !!" او على غرار عراك الفكاهة القائلة "شيلوه من فوقي احسن اضربه" ، و اعطت الحكومة باسلوبها شبه شرعية لهذه الممالك  و لم يعد ينقصنا الا ان تعلن احدى ممالك ليبيا تعيين سفير لها في طرابلس حتى يتخاطب مع حكومة طرابلس باسم سموه .

و تبقى مشكلة الحكومة الفعلية انها هشة جدا ، فكل منابع النفط ليست تحت سيطرتها فعليا و لا في مناطق نفوذها ، فاصبح لزاما عليه ان تستمعل الدبلوماسية للممالك التي لها نفوذ في المناطق المرغوبة ، فلو اتخذت ممالك ليبيا القرار بقطع الامداد و ايقاف ضخ النفط من منابعه سوف تنهار الحكومة و الدولة بشكل عام ، فبايقاف ضخ البترول سيتوقف تدفق العملة على الحكومة و ينفخض سعر العملة الليبية لتوقف الصادرات ، و مع مرور الوقت سينهار اقتصاد الدولة و هذا الوقت لن يكون طويلا جدا ، فحالة الهلع الداخلية ستسهلك موارد السوق في ظروف ايام و ستختفي العملة من المصارف نتيجة السحب و توقف عملية الايداع ، و سترتفع بذلك الاسعار في السوق المحلي ، الخلاصة الاقتصاد سينهار و مهما طال الامد لن يصمد الشعب امام الظروف المعيشية الصعبة ، فتخسر بذلك الحكومة شعبيتها الداخلية ، اضف الى ذلك ان مظهرها في الخارج سوف ينهار و سوف تبدو كحكومة ضعيفة لا تستيطع ان اتفي بالتزاماتها معهم .

كل ما سبق يفتح الباب على مصرعية لتقسيم البلاد فالسيناريو السابق يقول ان الحكومة لا تستطيع ان تفي بالتزامتها الداخلية و الخارجية ، فلو خرج اقليم معين و طالب بانفصال و اعطى ضمانات للعالم الخارجي بكونه دولة فعلية منتخبة لها قاعده شعبية تدعمها و لها سيطرة على منابع النفط ، فمن المحتمل جدا ان ياتي الاعتراف وبها تنتهي قصة دولة اسمها ليبيا دامت 62 سنة .

هناك سيناريوهات اخرى ان تهتدي الحكومة الى حل يخرجنا من عنق الزجاجة ، هناك سيناريو خروج شخصية قيادة تتوحد تحتها كل الاطراف ، هناك ايضا سيناريو الحرب الاهلية و المنتصر هو من سيحكم ، ايضا سيناريو التدخل الاجنبي  ، لكن هل تتحقق هذه السيناريوهات لا ادري و اي سيناريو منها الاقرب الى الواقع لست افضل من يجيب عن هذا التساؤل ، لكن كل ما اعرفه اننا الان لا نعيش في افضل عصور ليبيا بل ممكن في احلكها فاستمرار الدولة على المحك .

هل انا متشائم ؟ يحتمل ... هل هناك ما يدعو الى التفاؤل ؟ شخصيا لا ارى ذلك ... لكن على الجميع ان يثق و يتأكد باننا لسنا خير البشر ، و الشعب الليبي ليس شعب متدين و لا شعب طيب بطبعه ، و ان الافعال التي تحدث على ارض الواقع و الظلم و عدم نصرة الضعيف و استكبار القوي و فرعنة البعض ، كلها امور قد افنيت امم من قبلنا لتفشي واحده من الصفات السابقة فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم ( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )