ما الدستور إلا ورقة!

يبدوا ان ما يطغى على تفكيري هذه الايام هو الدستور و واجب كتابة الدستور الليبي من قبل المؤتمر الوطني العام ، و كثرة كلامي عبر توتير و الفيسبوك حول هذا الموضوع يضعني احيانا مع البعض في نقاش لا نصل به الى مرسى ، فتركت لعقلي حرية التحكم باصابعي على لوحة المفاتيح و افرغت ما يجوب في ذهني.

 بداية النقاش يجب ان ابدأها بكلمة ان اللوم يقع في لحظات الاختلاف على الشخص الاعقل و عندنا مثل ليبي يقول (العيب على زايد العقل) يؤكد هذا المعنى من هنا يجب ان ابدا حواري ، لسنا في حاجة لنظام ديمقراطي غربي كافر بل نحن في حاجة الى نظام حكم عادل ، و الثقة في عدم تفرعن رأس الدولة اصبح معدوم ، لهذا نحن في حاجة الى وضع ضوابط وقوانين عامه تربط و تقيد علاقة ولي الامر بالرعية ، هذه الضوابط مستمدة من الدين الاسلامي و ثقافة و عادات سكان المنطقة و تحترم علاقتنا بباقي الكيانات و الدول المحيطه بنا ، فالاسلام لم يحدد طول فترة الحكم  و لم يضع ضوابط لمن يقيل رئيس الوزراء و يعين السفراء ، و غيرها من القوانين التي ستكون و يجب ان تكون غير معارضة لاي اسس او قاعده او حكم ديني ، و احترامي لجيراني لا يعني السماح بما عندهم من موبيقات و لكن اذا كانت هناك اتفاقية دولية لمعاملة اسير الحرب تخضعني لضوابط معينه فيجب ان اتقيد بهذه الضوابط ، و اذا كان النظام السابق قد وافق على اتفاقية حقوق الانسان (و لا ادري اذا تم ذلك) هذا لا يعني باي حال من الاحوال موافقتي كدولة على قوانين الشواذ، فالقانون الوحيد الملزم لشعب اي دولة هو قانونها الداخلي ، و بشكل عام قوانين الحروب لا تحترم الا في وقت السلم ، على كل حال قناعتي الشخصية بان ازالة قانون معارض لشرع الله قد يسبب ضرر لبعض الشعب ، اما بقاء "تطبيقه" هو ضرر لكل الشعب .

و عدم ذكر ان السرقة حرام و حكمها كذا في الوثيقة الاساسية المنظمة لشؤون الدولة العليا لا يعني تحليلها ، و عدم ذكر ان الخمر حرام لا يعني ايجازه ، فلنا في ديننا المثل الاعلى فعدم ذكر كيفية الصلاة في القران و هي عماد الدين لا يعني عدم وجود قانون منظم و طريقة موحده لاداء الصلاة فالمصادر التشريعية في الدين الاسلامي متعددة منها الكتاب و السنة و الاجماع وكلها ملزمة ولكل منها درجتها و قدسيتها .

كذلك الدولة فلها قانون اسمى منظّمه لها و قوانين اخرى منظمة و معاقبة و مانحة و محددة للحقوق و الواجبات ، و يجب الا تعارض الدين الاسلامي بل هي مؤكدة و مرسخة للقوانين التي اوجبها علينا الله .

الخطأ وارد و المعصية ستظل موجوده الى قيام الساعة وظيفتنا لا انهائها فالامر مستحيل ومعارض لمشيئة الله الذي امهل ابليس الى القارعة يغوي الناس ويبعدهم عن سبيل الرشاد ، لكن ما نامله و نتمناه هو اسلوب حكم يقوّم نفسه بنفسه من الداخل بالنصح و الموعظه الحسنه و هداية الناس الى ما يرضاه عنا رسول الله ، عن طريق القنوات التي يوفرها النظام

هذه المنظومة تعد بتقليل الثورات و الانقلابات و الحروب و سفك الدماء و خسارة الارواح ، لكنها لا تعكس الا عقلية و نفسية و ضمير و عقيدة وقود هذه المنظومة ..... الشعب ، فاذا صلح حالة صلحت الدولة و اذا فسد ضاعت الدولة .

وفي الختام ما الدستور الا ورقة لا قيمة لها  قد يأتي ملازم جديد ينجح في قلب نظام الحكم تحت اي عذر و في لحظة من لحظات الشحن المعنوي و الحشد الجماهيري يقنع الشعب بضرورة تمزيق هذه الوثيقة وانها سبب البلاء و راس الفساد ، وسينجح في ذلك ، اما المكسب الحقيقي هو اصلاح ما في القلوب و العقول فبهذا تستقيم الامة و لا خوف عليها وان كان على راس الدولة ابليس.

تم نشرها على موقع السياسي الليبي