التظاهر و المظاهرات

التظاهر و المظاهرات نشاط جديد على فئة كبيرة من الشعب الليبي دخل الى حياتنا مع بداية ثورة 17 فبراير ، رغم انه مفهوم قديم يمارس بشبه حريه في عهد المملكة و انقطع مع اقلاب القذافي و ان حدث في فترات متقطعه من حكمه ان خرجت فئة من الشعب في مظاهرات لكن العواقب كانت وخيمة .

التظاهر و المظاهرات هو اسلوب شعبي يمارسه مواطنون الدولة للتعبير عن مطلب معين وهو شكل من اشكال ممارسة السياسة خارج المكاتب و القاعات  للتأثير على قرارات السلطة العليا في الدولة ، هذا الحق اصبح مكفول من قبل القانون الدولي لحقوق الانسان و في اغلب قوانين الدول الديمقراطية . 

الغرض من التظاهر كما اشرت مسبقا هو لفت الانتباه ، خصوصا للرأي العام نحو قضية معينه اي تحويل مطلب معين الى قضية رأي عام حتى تستمر قضيتهم مطروحه و تتحول الى مطلب شعبي يُضغط به على الحكومة أو البرلمان . 

لكن قبل التظاهر يجب ان تتوفر بعض الشروط اولها توفر مجموعه من الناس الذين يحملون فكر واحد ضد قضية بعينها ، و كلما زاد العدد كلما كان هذا افضل للقضية ، الشحن المعنوي و التعبئة الجماهيرية بالفكرة التي تريد ان تتظاهر من اجلهايزيد من فرص نجاح مسعاك ، ايضا قبل التظاهر يجب ان يتم اعداد مطالب مكتوبة و اهداف و خطة عمل حتى يتم تقديمها للجهات ذات الاختصاص. 

تحوّل نسخة من المطالب الى الاعلام و يتم شرح وجهة نظركم فيها كمحاولة لاستمالة الرأي العام و القوى الناعمه التي تتمثل في السلطة الرابعة و هي الصحافة و الاعلام للضغط الحكومة . 

احيانا يجب التحرك في اكثر من اتجاه توزيع منشورات ، اجراء مقابلات اعلامية ، محاضرات و ندوات كله من اجل الحشد الجماهيري و جلب الرأي العام ، ايضا التحرك الى القضاء و الاستفادة من احكامه ، السلطة الدينية و المفتي يعد وسيلة قوية للضغط ايضا وسبب من اسباب زيادة عدد المؤيدين للقضية . 

اذا قوبل طلبكم بعد كل هذا بالرفض او التجاهل من قبل الحكومة يتم تحديد موعد اعتصام أو مظاهرة ، لان الفكرة كلها تدور حول مبدأ حرب مدنية سلمية لا ضحايا فيها الا المعنويات و القبول الشعبي و المصداقية . 

قد تخرج المظاهرة في اول يوم و لا تجد اي استجابة هنا يأتي دور الاستمرارية ، استمرارية الضغط اليومي او الاسبوعي المهم بشكل دوري منظم هذا الاستمرار هو الذي يسبب انكسار الحاجز او قدرة خصمك على التجاهل و الممانعه. 

ما يحدث حاليا في ليبيا هو استغلال للقدرة على التعبير و ايصال المعلومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المبنية على خدمات شبكة الانترنت و اشهرها الفيسبوك ، إما بفتح ما يعرف بحدث او Event او بافتتاح صفحة تتناول قضية ما و تدعوا فيها الناس الى الاستجابة لموعد مظاهرة معارضة للقضية او مطالبة بحق معين ، بدون اي شحن او اي تعب فتكون المظاهرة هزيلة لا تهز قملة مستقرة على حجر أملس. 

التظاهر هو السلاح الاقوى و الاخير في استراتيجية الاستخدام للمُعارض او المحتج فاذا صُعّد الموقف فورا من الصفر الى التظاهر يكون قد اطلق اقوى اسلحته بدون احداث اي ضرر ودون اي هدف استراتيجي ، فبطبيعة الامر تكون المحصلة لا شيء ، بالاضافة انك في هذه الحالة لا تملك امكانية الاستمرار لمدة طويلة في الضغط و الحشد وذلك لقلة الشحن المعنوي و صغر القاعدة الشعبية. 

السياسة حرب و تكتيك و تخطيط و لكن الاسلحة فيها مختلفة عن الحرب العسكرية ، الحرب السياسية سلاحها المصالح و الرأي العام و ضحياها شعبية و نفوذ و صلاحيات. 

نقطة اخرى تكرار المظاهرات و خصوصا لو كنت من نفس الجهة المنظمة و ان اختلفت الاسباب يفقد المظاهرات شرعيتها و شعبيتها عند الرأي العام ، فما يصاحب المظاهرات من زحام و اقفال للطرقات و عرقلة للحياة ، يجعل الناس لا تؤيدها بشكل دائم لهذا وجب ايضاح اهداف مظاهرتك للرأي العام ففي اسوأ الظروف من لن يقف معك لن يقف ضدك ، باختصار علاقة الراي العام مع الزمن علاقة عكسية كلما طال الزمن تعوّد الراي العام على الوضع و كره التغيير . 

ايضا تكرار المظاهرات يجعل الناس في حالة من التوتر الدائم و هذا الشعور يكون مصاحب لحالة عدم الاستقرار للبلاد ، لهذا السبب وجب تحديد مطالب من البداية بمجرد ان تتحقق هذه المطالب ، يُتخذ قرار فوري بعدم استمرار المظاهرات و حالة الحرب السلمية هذه.