منذ فترة بدأت في الاطلاع على كتاب تحت عنوان
مغامرات في طرابلس يروي الكتاب قصة واقعية كتبها طبيب بريطاني اتى الى ليبيا ايام الاحتلال الايطالي اي بداية القرن العشرين و اشتغل تحت مظلة الهلال الاحمر في علاج الجرحى من الاتراك و الليبين .
من الفقرات الجميلة في الكتاب حين روى ما يقابله من غرائب المرضى فاشار الى انه في احد الايام زاره رجل بجرّة كبيرة فارغة و طلب منه ان يملأها بالدواء لمرأة مريضة عجزت عن الحراك في احدى القرى البعيدة فحاول ان يستفسر منه عن طبيعة مرضها و مما تشكو و ما مصابها ، فكان له من التوبيخ النصيب الوافر بان لا حق له ان يعرف و ان هذا موضوع جانبي لا يجدي نفعا .
فما كان من الطبيب الا ان اخذ علبة حليب مركز منحها الى السائل عن الدواء واصفا طريقة استعماله له بان يحل في الماء و تتناول منه المريضة مقدار محدد ثلاث مرات في اليوم مقنعا اياه انه دواء ، تعليله لما فعل ان اكثر الامراض التي قابلها في ليبيا ناجمه عن سوء التغذية و السبب التاني لعدم صرفه للرجل حتى لا يكره الامبروطورية البريطانية باقي حياته .
كم اعجبني تعليله و حبه لبلاده وشعوره باهمية فعله ، فهو سفير بلده ولو كان في بلد بدائي مثل ليبيا في العشرية الثانية من القرن العشرين ، ادراكه للمفهوم ان المواطن المحلي لا يرى بريطانيا الا من خلاله هو كطبيب مكلف من قبل الامبراطورية و ان اي فعل يقوم به ينعكس على سمعة امته بالكامل.
كم نحن محتاجين الى هذا المفهوم و عودته من جديد خصوصا بعد ما تسمع عن سمعة الليبين في الخارج و بالتحديد في بعض العواصم التي كثر تردد الليبين عليها مثل مالطا وتونس و اليونان وغيرها من الدول، اصبحت افعال قلة من الليبين في ذهن سكان تلك البلد هي الصورة العامة لعقلية وافعال كل الليبين ، حتى على الصعيد المحلي فعل شخص واحد من منطقة معنيه قد ينعكس بالسلب على كل من ينتمي الى تلك المنطقة ويترسخ في ذهن الناس بان سكان تلك المنطقة يتسمون كلهم بتلك الصفة .
لو عدنا واسقطنا الموضوع على الطب الليبي وما يعانيه من انعدام ثقة المواطن بكل ما يحمل الجنسية الليبية في عالم الطب و الاستشفاء هل هو نتيجة سمعة و تجربة مسبقة عكستها بعض النتائج لبعض الافراد مع بعض الحالات ، لاحظت ان للناس عادة التعميم فلو فسد فرد من فئة معينه فهو تعميم للصفة تلك على جميع افراد فئة الفاسد ، و اغلب ما تستخددم فيه طريقة التعميم هذه في الانتخبات السياسية فحتى تقلل من شعبية من امامك عليك بالخطوات التالية :
- تصنيف من هو امامك تحت نطاق فئة معينه خارج فئتك المنتمي اليها فهو اما سلفي او اخواني او صوفي او علماني او ليبرالي او قومي وهلم جرا .
- ابحث في تاريخ مؤسسي الفئة المعينة المحلية عن اي امر معيب و انشره .
- ان لم تجدي الفقرة السابقة انسبهم الى احدى الفئات المشابهه لهم في دول الجوار و اعتبرهم امتداد تاريخي و طبيعي لها داخل الوطن و استفد من مظهر من مظاهر الفساد لتلك الطائفة في دول الجوار و الصقها بالمحليين .
- انصحك بان تكون العيوب ذات طابع ديني فهي تهم غير قابلة للنقاش سواء اكانت بالتشدد او الانحلال .
- اذا لم تجدي كل الخطوات السابقة نفعا فعلك باتهامه بانه عميل لايران او لقطر او للمخابرات الفرنسية تحقق المراد، و لا تنسى طبعا ان تشير الى ان ايران شيعة كفرة و قطر ما هي الا الولاية 51 الامريكية متخفية بــ "شماغ" و فرنسا مانعة الخمار .
- اذا استحكمت عليك الحلقات فعليك بالتهم الجاهزة التسلق او التطحلب وياريت ان تثبت انه كان مستشار لمعمر القذافي او سيف و كانهما الاثنان كانا يشاوران احدا في البلاد غير شياطينهم وحلافائهما من الجان .
هذا دليلك الأكيد لهدم اي منافس عنيد ولكم مني الف تحية و السلام ختام