كثرت هذه الايام جملة تصحيح المسار لهذا قررت اليوم التحدث معكم عن موضوعين تعايشت معهما خلال هذا الاسبوع ، و لي فيهما وجهة نظر قد تتفق معي فيها و قد لا يعجبك رأيي :
الموضوع الاول : اعتصامات دعم الجرحى
في بداية الاسبوع اتصلت بي زميلة في كلية الهندسة عبر الماسنجر - صراحة نشرت المقالة دون موافقتها على نشر اسمها لهذا لن انشره - شرحت لي وجهة نظرها و الظروف الصعبة التي يعيشها الجرحى و المصابين من الثوار في المستشفيات داخل ليبيا و ايضا في تونس الشقيقة ، للاسف كان الموضوع قد اخذ حيز من النقاش في القنوات التلفزيونية و لكن لعدم متابعتي لها فلم اعلم بما يحدث .
على كل حال تبنيت الفكرة و وجدت فعلا حركات قد بدات في التشكل للقيام باعتصامات و مظاهرات في مواعيد مختلفة في آخر هذا الاسبوع بالتحديد يوم الاربعاء و الجمعة ، بدات في اجراء مكالمات مع اصدقائي و اقرابي لاستطلاع حقيقة الوضع في تونس و ما هي حياة المصابين هناك ، جاءت الاخبار لتاكد حجم الكارثة هناك الديون المتاركمة في المستشفيات التونسية اصبحت بالملايين و اصبح الامر على المحك من لديه المال يعالج اما "الراقد ريح" فله رب كريم ، و غيرها من الشكاوي المختلفة و السؤال الذي طرحته على اكثر من شخص و اشتركوا جميعا في الاجابة ، هل الدعم المالي ياتيكم من المجلس الانتقالي ؟ كانت الاجابة لا كله من تبرعات و مساهمات افراد و جمعيات اهلية .
بناء على ما سبق بدأت الحملة لن ادعي اي بطولة فلم اكن قائدا لها بل مجرد مكبر صوت يحاول شرح القضية و جمع اكبر عدد من المؤيدين لها ، لكن حدث التالي يوم الاثنين اصدر المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي قرارين يمنح الصلاحيات كاملة لكل من مجلسي بنغازي و مصراته المحليين باتخاذ كل التدابير اللازمة لعلاج الجرحى و بتكفل المجلس الوطني الانتقالي بسداد التكاليف .
عند هذا الحد اتخذت قرار بان حملة الضغط الاعلامية التي تمت عبر شبكة الانترنت و التلفزيون قد ادت غرضها بان نقلت وجهة نظر الشارع بان "جرحانا اولا" ، ونزلا عند هذه الرغبة اصدر المجلس الوطني الانتقالي قراره بهذا الخصوص ، فقررت وكان هذا القرار يشمل شخصي فقط انه لا داعي للخروج في المظاهرات وتوقفت عن الدعاية للحملة ومن يسالني انقل له وجهة نظري بانه يجب الان الانتظار و الترقب و متابعة حالة جرحانا اذا تحسنت اوضاعهم فهذا ما كنا نريده و قد تحقق فلا داعي للشوشرة ، امّا اذا لم يحدث اي تغيير خلال ايام معدودة فلنا الحق في الاعتصام حتى ينفّذ القرار ، فزمن الخوف قد ولّى و لا رجوع الى الامام ثورة ثورة .
ما حدث ان بعض الناس استمروا في فكرة المظاهرة حتى بعد اصدار القرار !! ، منهم من كان له منطق حَسَن النية وهو لزيادة الضغط على المجلس حتى يسرع بتنفيذ القرار و لا يتقعص ، اما البقية فلهم فيها مآرب اخرى قد تُثار حولها علامات الاستفهام ، فالغرض من وراء التظاهر في هذه الحالة واحد من اثنين اما تريد اظهار المجلس الانتقالي بشكل سيء او تريد تلميع صورتك الشخصية كقائد للجماهير وراعي مصالحها ، المشكلة ان اي اعتراض على المجلس الانتقالي "وهو الحكومة المؤقتة" يجب ان يكون على افعالها ، لان كثر المظاهرات تفقدها معناها و تُدخل البلاد في ربكة ايقاف الاعمال و اغلاق الطرق ، ونحن في غنى عن هذه المشاكل في هذه المرحلة .
الموضوع الثاني : تصفية الحسابات
سوف اتكلم عن حادثة بعينها حتى لا اطيل الموضوع اكثر مما هو عليه الان ، يوم الثلاثاء استيقظت على خبر طرد طلبة قسم الهندسة الكهربائية جامعة الفاتح سابقا طرابلس حاليا لاحد اعضاء هيئة التدريس في القسم ، المعروف بانتمائه لحركة اللجان الثورية من الثمانينيات ، شخصيا لم اتعاطف معه نهائيا فكلما بحثت في ذاكرتي عن حسنة له فلم اجدها لكن مع هذا اعترض على هذا الاسلوب .
شخصيا لم يصلني عن ذلك الشخص اي معلومة بانه قد تورط في عملية تحقيق او تعذيب او تبليغ عن اي انسان و لم يُعرف عنه انه قاتل او سارق او ظالم او مفسد ، لكنه منتمي فكريا الى اللجان الثورية ، في المبدأ اختلف تمام الاختلاف مع هذا الحزب ولكن لا اتفق مع محاسبة اي شخص على افكاره ، فما الاختلاف بيننا و بين ما قام به القذافي و ازلامه في ثورة الطلاب المشهورة بالسابع من ابريل حينما ادعى اعلان الثورة في الجامعات ضد اصحاب الافكار الرجعية و الامبريالية و غيرها من التهم الجميلة التي توصلك الى حبل المشنقة بالبريد المستعجل .
اذا كانت لديكم اي اتهامات او ادلة على ان ذلك الشخص متورط في اعمال يعاقب عليها القانون فكان الاجدى ان تقوموا باعتقاله لا طرده ، شخصيا اطالب بعدم تكرار هذه الحادثة ، نحن ننادي بدولة القانون لا بدولة الثورية ، نشيدنا نفسه ينص على "لن نعود للقيود" فهل نكون نحن اول من يضع قيود على فكر الاشخاص ومحاسبتهم على افكار ؟!
مادة رقم 31 من الاعلان الدستوري
لا جريمة و لاعقوبة الا بناء على نص ، و المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة عادلة ، تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه ، و لكل مواطن الحق في اللجوء الى القضاء وفقا للقانون.
هذه ماده دستورية صريحه تنص على لا عقوبة الا بناء على نص ، و لا نص يعاقب على الافكار ، الخوف كل الخوف من ان تصبح العملية فوضى مطلقة كل من له ثأر شخصي مع عضو هيئة تدريس يقوم بطرده و لا من رادع و لا من حسيب .
اتمنى ان يتم طرد ذلك الشخص من الجامعه لكن ليس لاسباب فكرية بل لعدم اهليته لممارسة مهنة التدريس الجامعي ، التي لو استجلبتموني لاشهد ضده بهذه التهمه لما تراجعت لحظة .